مقالات

القمر لا يكذب

بقلم : أم عبدالوهاب 

القمر لا يكذب

بقلم : أم عبدالوهاب

 

لو تذكرتَ جوفَ الليالي،

حين تُخفي لحظةَ صدقٍ وشَجَن،

وتستر جملاً خجلى، لُجينك على ضفة النهر،

وتسافر بعيدًا على جناح أمواج النيل،

من غير ضجر…

 

هيهات…

سيفضحها شذى رحيق عطرك،

الذي يفوح منه عبقُ الأمسيات،

حين تداعب نسائمُ الليل العليل.

 

أسدِل خِمارَك،

ذاك الذي حجب ضياءَ نور عينيك،

واتركْ حمرةَ الخجل ترتعش في كسوفك،

لِنغزل من جحافل الليل البهيم

منظرًا بديعًا،

نافذةً للأبصار، والأرواح، والوجدان.

 

فأنتَ نسيجٌ بين رعشةِ المشاعر

وألقِ الزمن الجميل،

وقد أصبحتَ من عابري الدروب،

الذين يزرعون في قلوبهم الآمالَ واليقين،

علّها تنتفض،

لِتنال من رُضابِ الرضا ما يُجمّلها،

ويُغيّر ملامحَها،

ويفتح نافذةً على حياةٍ

نعيش فيها لحظاتٍ

تُشير إلى رحيل ركابِ العين،

وهم يعبرون الصحارى

ليلمحوا بهاءَك في عتمةِ غيابك.

 

فقد جفَّ المعينُ الذي فَرض سطوته،

وطبَع مسافري محبّي القمر،

فصَلَب الأشياء على أفقٍ بعيد.

 

جئتَ من مسارب التاريخ،

تحكي لزماني عن طَلّةِ القمر،

بين انسِرابِ المغيب،

وخلف سَحابِ الليالي الرهيب،

وعن تلك الأهزوجةِ

التي تُسكر الأبصار،

وتَسلب العقول،

وتَأسر الأرواح،

لنهوى في غمرةِ سَمرِ الحُسنِ الصبوحِ المِزيان،

حين اكتمل في منتصف الشهر العربي،

 

بسِحرِ جمالٍ أخّاذ،

ليُضيء لنا مواسمَنا كلَّها.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى