مجلس الأسرة العربية يطلق فعاليات ندوة توعوية حول تداعيات الأثر النفسي لاستخدام الشاشات على الأطفال

مجلس الأسرة العربية يطلق فعاليات ندوة توعوية حول تداعيات الأثر النفسي لاستخدام الشاشات على الأطفال
كتب : علاء حمدي
شهدت مكتبة مصر العامة – الدقي اليوم السبت الموافق 22 نوفمبر لعام 2025 انطلاق فعاليات ندوة توعوية حول تداعيات الأثر النفسي والاجتماعي لاستخدام الشاشات على الأطفال والمراهقين، وسبل تحقيق التوازن بين الحياة الواقعية والرقمية، وأهمية دور الأسرة والإعلام في توجيه السلوك الرقمي الآمن والتي ينظمها مجلس الأسرة العربية للتنمية برئاسة الدكتورة آمال ابراهيم بالتعاون مع مبادرة “يوم بلا شاشات” حيث تهدف المبادرة إلى ترسيخ مفهوم التواصل الإنساني الحقيقي بين أفراد الأسرة بعيدًا عن الشاشات، وتشجيع الأنشطة الواقعية التي تعيد الدفء والحميمية للعلاقات الأسرية في ظل التحول الرقمي المتسارع.
وذلك في إطار اهتمام مجلس الأسرة العربية للتنمية أحد مجالس الاتحاد العربي للتنمية المستدامة والبيئة، بهدف تعزيز الوعي الأسري والإعلامي في مواجهة تحديات العصر الرقمي، وبالتعاون مع مبادرة “يوم بلا شاشات.. معًا نتواصل”، تحت رعاية أ.د. منى الحديدي أستاذة الإعلام بجامعة القاهرة، وبمشاركة نخبة من الخبراء والإعلاميين والمتخصصين في التنمية البشرية والإعلام الرقمي. ومشاركة الإذاعية إيناس جوهر – من رواد الإعلام المصري و د. نادية النشار – رئيس شبكة الشباب والرياضة والمهندس زياد عبد التواب – خبير التحول الرقمي ونائب وزير الاتصالات الأسبق و د. أمل إبراهيم – خبيرة التنمية البشرية والإرشاد الأسري والإعلامي أيمن عدلي – رئيس لجنة التدريب بنقابة الإعلاميين و د. هبة الله السمرى – أستاذة الإعلام الرقمي بجامعة القاهرة و د. عبد الوهاب غنيم – نائب رئيس الاتحاد العربي للاقتصاد الرقمي
في عالم باتت فيه الأصابع تقرأ أكثر من العيون، والشاشات أصبحت نافذتنا على الحياة، لم يعد الإنترنت مجرد أداة تسهيل، بل أصبح جزءا من كينونتنا اليومية. قبل ظهوره، كان للحياة رونقها الخاص، والزمن يمر بوتيرة طبيعية. أما اليوم، فقد كبرنا في ظل الشاشات، نتنقل بين الرسائل والإشعارات، ونغرق أحيانا في عالم افتراضي يوازي- وأحيانا يتجاوز- واقعنا اليومي. ومع الطفرة الهائلة في الذكاء الاصطناعي، أصبح السؤال محوريا: كيف نحافظ على هويتنا الواقعية بينما نصنع ونعيش هويتنا الرقمية؟ ولماذا يلجأ البعض لتعزيز حضورهم الرقمي بينما تتلاشى ملامح حياتهم الحقيقية؟
وجاءت اهم محاور الندوة كالتالي :
اثر الاستخدام المفرط للشاشات علي السلوك النفسي والاجتماعي للأطفال والمراهقين
هناك أيضًا مشكلة إدمان التكنولوجيا، التي وُجد أنها تؤثر على المعالجة المعرفية والعاطفية والتواصل وتضعف التحكم في الانفعالات، وتضعف كفاءة المعالجة، وتزيد من الحساسية للمكافآت والخسارة وقد أظهرت الأبحاث أن هناك تأثيرات على مدمني الألعاب تُشبه تأثيرات مدمني المخدرات
يمكن أن يؤثر استخدام الشاشة لفترات طويلة على الوظائف التنفيذية للطفل. يحدث هذا في القشرة الجبهية النامية، المسؤولة عن التركيز والانتباه والتنظيم، وما إلى ذلك، ومفهوم اضطراب نقص الانتباه المرتبط بالتكنولوجيا . أن أطفالهم يُنجزون واجباتهم المدرسية وهواتفهم قريبة منهم، وغالبًا ما يتفقدون الرسائل النصية أو وسائل التواصل الاجتماعي، مما يُقلل من إنجازهم. وعادةً ما يُقدمون العذر للآباء والأمهات بأنهم بحاجة إلى البحث عن المعلومات عبر الإنترنت. ومع ذلك، فإن هذا يؤثر بشكل كبير على الوقت اللازم لإكمال الواجبات المدرسية، وجودة العمل، والنجاح الأكاديمي بشكل عام.
إن قرار الحد من استخدام الطفل للأجهزة الإلكترونية وإدارته مسعى هام ومثمر. ولأن هذا قد يكون جديدًا على الطفل أو المراهق، فمن المؤكد أنه سيقاوم في البداية. يجب حث الآباء على عدم الاستسلام، بل سيتكيفون مع النظام الجديد للحياة الطبيعية. فالأطفال مرنون وسيتمكنون من التأقلم مع التغييرات والهيكل الذي يقدمه الآباء، طالما التزموا به. لقد تلقيتُ ردود فعل إيجابية من الآباء الذين وضعوا حدودًا مناسبة لأطفالهم، والذين لم يتمكنوا في البداية من التكيف مع هذه التغييرات. ويتحدثون عن تحسن نوم أطفالهم، وتناولهم للطعام، وتحسن مزاجهم، وانفتاحهم على الأسرة بشكل عام.
سبل تحقيق التوازن بين الحياة الرقمية والواقعية في ظل التطور التكنولوجي
الرقمنة اليوم ليست رفاهية، بل هي جزء أساسي من حياتنا اليومية.. من المعاملات الحكومية إلى التسوق، وحتى متابعة الأخبار أو التعلم، أصبح الاعتماد الرقمي ضرورة. مع الوقت، تتحول هذه العادة إلى جزء من هويتنا وسلوكنا، بحيث يصعب الانفكاك عنها، حتى لمن يحاول الحد منها. الهوية الرقمية تتغلغل تدريجيا في قراراتنا اليومية، من تنظيم المواعيد إلى إدارة الوقت، وحتى اختياراتنا الاجتماعية.
مهما تكن براعة هويتنا الرقمية، فلا يمكن للشاشات أن تحل محل التفاعل البشري الحقيقي؛ فالأطفال يحتاجون إلى حضورنا الجسدي ودفء مشاعرنا، لا مجرد تفاعلات افتراضية.. لحظة الجلوس معهم، واللعب المشترك، وتبادل الحديث والضحك، هذا ما يبني ذكرياتهم ويشكل شخصيتهم.
التوازن يبدأ بالوعي والسيطرة، لا الانغماس التام ولا الانقطاع الكلي… الهوية الرقمية يجب أن تخدم حياتنا الواقعية، لا أن تبتلعها؛ علينا اختيار المحتوى الذي نستهلكه وننتجه بعناية، وتخصيص أوقات خالية من الشاشات لنعيش التجربة الإنسانية كاملة: الحوار، اللعب، اللحظات الصادقة مع العائلة والأصدقاء.
التوازن يتحقق عندما نكون نحن المتحكمين في شاشتنا، وليس العكس.. الحضور الواقعي، لمسة اليد على كتف من نحب، النظرة الصادقة في العين، كلها عناصر لا يمكن لأي تقنية أن تحاكيها. في عالم يزداد رقمية يوما بعد يوم، يصبح التوازن بين الهوية الرقمية والواقعية ضرورة للحفاظ على إنسانيتنا وامتدادا لذواتنا الحقيقية، لا مجرد نسخة افتراضية.
دور الاسرة في ترشيد استخدام الابناء للأجهزة الذكية ومتابعة سلوكهم الرقمي
يعتبر دور الأسرة مهم جدا في توجيه أطفالها لاستخدام الأجهزة الذكية والتعرف للأساليب التي تقوم بها الأسرة لتوجيه أطفالها لكيفية استخدامها . وعلى الأدوار النفسية والاجتماعية التي تمارسها الأسرة في توجيه أطفالها لكيفية استخدام الأجهزة الذكية.
يجب تفعيل برامج توعوية للأبناء من خلال وسائل الاعلام حول الاستخدام للأجهزة الذكية. غرس التقوى وضوابط العقيدة في نفوس الأبناء بالحسنى والقدوة الحسنة، ومناقشة الأبناء. وضع الجهاز في مكان وجود العائلة وتحديد قواعد وإرشادات ضابطة لاستخدامهم للكومبيوتر. توجيه الأبناء لاستثمار استخدام الأجهزة الذكية في أمور مفيدة واقتراح مجموعة من المواقع المناسبة وتوجيههم بالاهتمام بالصلاة والصحبة الصالحة والرقابة المستمرة على علاقاته وصداقاته وتكوين صداقات أسرية داخل عوالم الأجهزة الذكية. توعية أفراد الأسرة؛ كبيرهم وصغيرهم، بقيمة الوقت، وصرفه في النافع والمفيد، والتقليل من المكوث أمام الأجهزة لذكية واستخدام برامج الفلترة للمواقع المحذورة. الاشتراك في دورات تدريبية في مجال التواصل الاجتماعي والترابط الأسري تفعيل دور مؤسسات المجتمع المدني خاصة المؤسسات التي تهتم بقضايا الأسرة والطفولة والشباب والأسرة بشكل عام فعليها أن تكثف جهودها في التنسيق والتعاون فيما بينها؛ من أجل المحافظة على ترابط الأسرة وتوعية أبنائها.
الانشطة البديلة للشاشات واثرها في تنمية المهارات الاجتماعية والابداعية
منع الأطفال من استخدام الشاشات بشكل كامل قد لا يكون أمرًا واقعيًا في هذا العالم الرقمي، ولو سلّمنا به فإنّه من غير الممكن أن يتحقق بين عشية وضحاها؛ إذ إنّ الشاشات أصبحت جزءًا لا يتجزأ من حياتنا اليومية، لكن التنظيم الجيد لاستخدامها هو الحل الأمثل. وأول خطوة للتغلّب على مشكلة إدمان الشاشات عند الأطفال هي وضع حدود صحية، بحيث يتم تحديد أوقات معينة لاستخدام الأجهزة مع التأكُّد من وجود توازن بين الأنشطة التي تعتمد على الشاشات وتلك التي لا تعتمد عليها. ومن المهم أيضًا أن تختار مع طفلك الأنشطة والألعاب التي يُمكنه ممارستها على الأجهزة الإلكترونية، مع التركيز على المحتوى المعرفي الذي يثري ثقافته.
ولتشجيع الطفل على تقليل الوقت أمام الأجهزة، يُمكنك توفير بدائل ممتعة له، مثل الأنشطة الحركية التي تساعده على تنمية قدراته البدنية، أو الأنشطة الفنية والإبداعية مثل الرسم أو اللعب بالخارج. كما ينبغي للأهل أن يكونوا قدوة لأطفالهم في ذلك، حيث يمكنهم تقليل وقتهم أمام الشاشات والمشاركة مع أطفالهم في الأنشطة البديلة، مما يعزز الترابط العائلي ويُساعد في بناء الدافع الداخلي لدى الطفل. بالإضافة إلى ذلك، يمكنك تحديد أوقات خالية من الشاشات خلال اليوم، مثل وقت العشاء أو قبل النوم، ليتمكن الطفل من الاسترخاء والتواصل مع عائلته بعيدًا عن الأجهزة، وأوقات أخرى خلال الأسبوع حتى لا يعتاد الطفل على فكرة أنّ الشاشات شيء لا يُمكنه التخلي عنه.
اهمية الحوار والتواصل الاسري المباشر في الحد من العزلة الرقمية
نعيش في زمن الفضاء الرقمي المفتوح، حيث لم تعد فيه العلاقات الأسرية محصورة بين جدران البيوت، أو في مجالس العائلة الممتدة، بل تأثرت بالتقنيات الجديدة التي نجحت في التسلل إلى تفاصيل حياتنا اليومية، فالأبناء اليوم يتواصلون عبر الهواتف الذكية. ولا يتوقف الآباء عن مطالعة الشاشات، فيما يظل اللقاء المباشر، بروحه الدافئة، أقل حضوراً مما كان عليه في السابق، فكيف يمكن للأسرة أن تحافظ على تماسكها في عالم لم يعد يعترف بالحدود الزمنية أو المكانية؟
التماسك الأسري في الفضاء الرقمي لم يعد ترفاً اجتماعياً، وإنما ضرورة لحماية الأجيال القادمة من الاغتراب عن قيمها المجتمعية، ففي أعرافنا تشكل الأسرة الحصن الأول في مواجهة العزلة الرقمية، وهي المدرسة التي تعلم أبناءها أن للحوار قيمة تفوق سرعة الرسائل الفورية، وأن للجلوس حول مائدة الطعام معنى أعمق من متابعة بث مباشر لا ينتهي.
يُعتبر التواصل الفعال حجر الأساس في بناء أسرة متماسكة وسعيدة. إذ يشكل الحوار المفتوح والمنظم الأساس الذي يمكن من خلاله حل المشكلات وتفهم احتياجات كل فرد من أفراد الأسرة. إن تعزيز مهارات التواصل في البيئة الأسرية لا يحسن فقط العلاقات بين أفراد الأسرة، بل يسهم أيضًا في تقليل التوتر والصراعات اليومية. سنتناول في هذا المقال أهمية التواصل الفعال في العلاقات الأسرية، آثاره الإيجابية، والعوامل التي تعزز هذا النوع من التواصل، بالإضافة إلى تقديم استراتيجيات عملية لتحسين مهارات الحوار والتفاعل داخل الأسرة.
يمتد تأثير التواصل الفعال إلى جميع جوانب الحياة الأسرية؛ فهو يعزز الثقة والاحترام المتبادل بين الزوجين والأبناء، ويُسهم في بناء بيئة داعمة تشجع على النمو الشخصي والاجتماعي. عندما يكون الحوار مفتوحًا وصريحًا، يشعر كل فرد بأنه مسموع ومقدر، مما يخلق مناخًا يسوده الأمان العاطفي والاحترام. تشير الدراسات العلمية إلى أن الأسر التي تعتمد التواصل الإيجابي تكون أكثر قدرة على مواجهة الأزمات والتعامل مع ضغوط الحياة اليومية بشكل أفضل .



