منوعات

الإعلامية سماح عبدالرحمن تستضيف الفنان والكاتب ناصر عبدالحفيظ في “مساء الفن”

الإعلامية سماح عبدالرحمن تستضيف الفنان والكاتب ناصر عبدالحفيظ في “مساء الفن”

 

قدّمت الإعلامية سماح عبدالرحمن حلقة خاصة من برنامج “مساء الفن” ضمن سهرة يوم الأربعاء (الجزء الثاني من اللقاء)، استضافت فيها الفنان والكاتب ناصر عبدالحفيظ في حوار امتد بين محطات تكوينه، ورؤيته للمسرح، وتجربته مع فرقته وعروضه داخل مصر وخارجها.

 

المسرح… “أبو الفنون” وروح اللحظة

 

استهل عبدالحفيظ الحوار بتأكيده أن المسرح حالة لحظية مغايرة تمامًا للدراما التلفزيونية والسينما: المونتاج في الدراما يُجمّل، والمشهد السينمائي يُعاد ويُقصّ، “لكن على الخشبة اللحظة هي الحقيقة… هي السقفة وروح العمل”. ويرى أن رهبة الخشبة معيارٌ كاشف لقدرة الممثل، وأن بعض نجوم السينما يترددون في مواجهة المسرح “لأنه قد يفضح هشاشتهم”.

 

البدايات: من الابتدائي إلى جائزة التأليف

 

يروي ضيف البرنامج أن التمثيل سبق الكتابة في حياته منذ المرحلة الابتدائية. أول نص كتبه ونال عنه جائزة للتأليف المسرحي كان في الصف الثاني الثانوي ضمن احتفالية بالمولد النبوي في “مدينة مبارك” بالصعيد، ثم تبنّته الشباب والرياضة وقدّمه في مسابقة إعداد القادة بمركز الجزيرة، حيث وجد نفسه بين “فطاحل” ويحصد أولى جوائزه التي ربطته بالعاصمة.

 

جواز المرور إلى أكاديمية الفنون

 

دخل عبدالحفيظ إلى أكاديمية الفنون عبر إيمان الراحلة د. نهاد صليحة به—كانت وقتها رئيسة لجنة تحكيم وعميد المعهد العالي للنقد الفني. يقول إنه واجه حواجز اجتماعية ومؤسسية، لكنه لم يملك سوى موهبته، فكان دعم صليحة “جواز المرور”. وعن أثرها العلمي عليه: تعلّم منها السيميولوجيا/علم الدلالات وكيفية صناعة فن قوي بأبسط الأشياء.

 

الاحتراف خارج التصنيفات

 

يرفض عبدالحفيظ تقسيم الفنان إلى “محترف/مستقل/ثقافة جماهيرية”: “الفنان فنان”. بدأ يتقاضى أجورًا—وإن بدت بسيطة—من إخراجه لعروض الجامعات والشباب والرياضة ومسارح الدولة، مع خصم الضرائب كالمعتاد. لكنه ظل يبحث عن بصمته الخاصة.

 

تأسيس الفرقة والبحث عن موضوعات مختلفة

 

عام 2007 تقريبًا، بدأت تجربته التي ستُعرف لاحقًا باسم “فرقة المسرح المصري”. من خلالها طرح أسئلة: لماذا لم تُقدَّم أم كلثوم عرضًا مسرحيًا؟ كيف نعالج الزواج والطلاق السريع؟ وكيف نسافر بعروضنا؟

يروي أنه أثناء عمله في مسارح الدولة سعى لتسفير عرض “سيرة حب” مستندًا إلى علاقاته الصحفية، ووفّر فرصًا كان يمكن أن تدخل مبالغ معتبرة لخزينة الدولة، لكنّه واجه عراقيل. عندها استعاد قول د. سامح مهران: “عليك أن تُعيد التفكير في كيف كنت تفكر”، فاختار التوجه بحرية أكبر عبر فرقته الخاصة.

 

“وجوه”… من بجاية إلى المحافظات

 

مع عرض “وجوه” حققت الفرقة قفزة نوعية خارجيًا: في مهرجان بجاية الدولي بالجزائر وبين 34 دولة، حصدت درع التميز. رئيس المهرجان عمر فطموش طلب إعادة العرض في اليوم نفسه ثم ليلة إضافية لوزيرة الثقافة، قبل أن يصدر خطاب يتيح للفرقة جولة عبر 43 ولاية جزائرية (ليلتان لكل ولاية).

داخليًا، وبقرار من وزير الثقافة آنذاك د. محمد صابر عرب، قدّمت الفرقة “وجوه” بمحافظات مصر بالتعاون بين صندوق التنمية الثقافية والهيئة العامة لقصور الثقافة والمحافظات: إقامة وإعاشة من المحافظات، وانتقالات وبدلات رمزية من الصندوق. في مطروح—بحسب ضيف الحلقة—تضاعف الإقبال فامتدت الليالي، والتقت الفرقة بالمحافظ وبالمنطقة الغربية العسكرية، وأقامت أسبوعًا كاملاً.

 

“شعب مسرحي” من جذور الحضارة

 

يؤكد عبدالحفيظ أن المصريين “شعب مسرحي من الدرجة الأولى” منذ جداريات المعابد ومراسم تتويج الملوك، رافضًا حصر البدايات في يعقوب صنوع أو الحقبة العثمانية. يستشهد بكتاب “المسرح المصري القديم” (ترجمة د. ثروت عكاشة)، ويرى أن الاحتلال غيّب الوعي لا الجينات؛ فالجينات المسرحية حاضرة في الصعيد والإسكندرية وسائر الأقاليم، تظهر بمجرد فتح منافذ الإبداع الحقيقي.

 

من “وجوه” إلى “متجوزين ولا” و“الجوازة باظت” و“الست” و“بليغ والست”

 

انطلقت العروض من “وجوه” التي تتناول تحوّل الوجوه في حياتنا وبطلها “دهان” يحاول ستر القبح حتى يصاب بلوثة تقوده للإبداع والكوميديا—عرض ما زال يُقدَّم كامل العدد (ذكر ساقية الصاوي مثالًا).

ومنها انتقل إلى التفكك الأسري في “متجوزين ولا” ثم “الجوازة باظت”، مستلهمًا خطوطًا عامة من قراءته القديمة لكتاب جون غراي (“الرجال من المريخ والنساء من الزهرة”) وأنطوني روبنز (“قدرات غير محدودة”)—مع إعادة مواءمة التفاصيل للبيئة المصرية.

في المسار الموسيقي، قدّم “الست” (مونودراما) ثم “بليغ والست”، موضحًا أنه يبقي على طقس أم كلثوم: أول خميس من كل شهر يقدم “الست” أو “بليغ والست” ومعهما عرض آخر يومها (ماتينيه وسواريه). يوضح أن “بليغ والست” يقوم على استحضار قصص 11 أغنية جمعت أم كلثوم بـبليغ حمدي—مثل “بعيد عنك” و**“ألف ليلة وليلة”**—ويروي كواليس ميلاد الألحان، كواقعة قدوم بليغ إليها ليلًا بنصف لحن يكتمل بإحساسها. كما تطرق إلى وردة وبليغ معتبرًا أن بينهما إرثًا فنيًا ضخمًا (ذكر رقمًا كبيرًا للأغاني المشتركة).

على مستوى التكوين، يكتب عبدالحفيظ للممثلين الحاضرين أمامه: حوّل أحمد رحومة من تراجيديا إلى كوميديا، ورأى في محمد عزت (الملحّن المعروف) ملامح بليغ حمدي، وقدم معه ومع المطربة الشابة فريدة حماد بناءً أدائيًا يزاوج بين الحكي والغناء.

 

أسلوب بصري وفق “علم العلامات”

 

يعلن ضيف البرنامج اعتماده على مسرح أسود (بلاك بوكس) مع إضاءة وصوت كركيزتين بصريتين وصوتيتين، وتخفيف الديكور لتسهيل السفر والاستضافة. يعتمد علم العلامات الذي تعلّمه عن د. نهاد صليحة لخلق أمكنة متعددة على الخشبة: من قصر لبدروم، ومن كورنيش نيل لقارب… إلخ.

لا يشجع الارتجال المنفلت؛ كل شيء محسوب ومكتوب مع ترك نافذة محسوبة لاستخراج “العفريت” الداخلي للممثل. يدرب فريقه على قراءة تراث كبار الكوميديا: فؤاد المهندس، عبدالمنعم مدبولي، محمد نجم، سمير غانم، عادل إمام… بوصفه جيلًا يسلّم جيلًا.

 

عن القطاع الخاص والرقابة وتعظيم الموارد

 

ينتقد عبدالحفيظ الهجوم الذي مورس على المسرح الخاص تحت عنوان “المسرح النظيف”، مؤكدًا أن الرقابة تقوم بدورها ولا حاجة لـ“رقباء فوق الرقيب”، وأنه يلتزم بملاحظاتها عند اللزوم. ويرى أن ذلك الهجوم ساهم في تقلص القطاع الخاص إلى الصفر تقريبًا.

يدعو إلى إعادة هيكلة الثقافة الجماهيرية وتعظيم موارد الدولة، مستشهدًا بكثرة المسارح في ربوع مصر وما يُنفق على تجهيزها سنويًا بحسب ما ورد في حديثه، ومطالبًا بفتح “مسام هوليوود الشرق” من جديد، فالمسرح—برأيه—جزء من السياحة الثقافية.

 

برنامج “رواد” وتوثيق المنهج

 

خلال عمله مع د. سامح مهران في المركز القومي للمسرح والموسيقى والفنون الشعبية ثم في أكاديمية الفنون (مستشار إعلامي)، اقترح إدخال برنامج لتوثيق رواد المسرح والموسيقى والفنون الشعبية بدل الاكتفاء بحفلات التأبين. عمل كباحث بمكافأة شهرية، وذهب شهورًا إلى بيوت الرواد (منهم المخرج الراحل عبدالحليم، سمير خفاجي، عبدالمنعم مدبولي، الموسيقار عبده داغر، محمود رضا) لتسجيل المنهج وتخزينه في المركز. انتقد لاحقًا تغييب اسم المخرج الراحل عبدالحليم عند إعادة تقديم “الملك لير” بنفس فريق العمل مع نسب الرؤية إلى آخرين، معتبرًا أن رد الاعتبار حق.

 

طموح المرحلة المقبلة: “الوريث”

 

يكشف عبدالحفيظ عن عمل جديد قيد الرقابة على المصنفات بعنوان “الوريث”، مؤكدًا أنه يواصل منهج الثلاثيات:

• وجوه – متجوزين ولا – الجوازة باظت

• الست – بليغ والست (ومشروعات قادمة في نفس العالم)

طموحه الجمع بين النوستالجيا والمعاصرة: استعادة روح كبار الكوميديا (فؤاد المهندس، عبدالمنعم مدبولي، عادل إمام، سمير غانم… مع حفظ الألقاب) لا بوصفهم أشخاصًا بل كخبرة ومنهج يُعاد توليفه لذائقة اليوم.

 

لفتات ختامية

 

أشاد عبدالحفيظ بتجربة أشرف عبدالباقي في “مسرح مصر”، معتبرًا أن الإضحاك في حد ذاته رسالة، ولاحظ في المهرجان القومي الأخير أغنية للفنان محمد رياض مع صفاء أبو السعود تستعيد لقطات لرموز القطاع الخاص (عادل إمام، فؤاد المهندس، عبدالمنعم مدبولي)، معتبرًا ذلك اعترافًا متأخرًا بقيمة هذا القطاع بعد سنوات من الهجوم عليه.

واختتم بتأكيده أنه يعمل بتمويل الجمهور وحده: يستأجر المسرح ويدفع تكلفة البروفات، ويعتبر الإخفاقات المتكررة ثمنًا طبيعيًا للحفاظ على التجربة حتى أصبحت فرقته تقدم خمسة عروض ثابتة وتحقق حضورًا جماهيريًا

 

يذكر ان برنامج مساء الفن يترأس تحريره سمير العبد ويدير التحرير عمرو رشاد والحلقة من تقديم الإعلامية سماح عبد الرحمن

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى