ما بين النار والصبر.. الشيف الأردني موسى الشريف يحوّل المعاناة إلى أطباق من ذهب”

ما بين النار والصبر.. الشيف الأردني موسى الشريف يحوّل المعاناة إلى أطباق من ذهب”
من مستودعات الأردن إلى مطاعم ميشلان الأوروبية، يروي الشيف الأردني موسى الشريف حكاية شاب حمل الشغف على كتفيه، وسار في دربٍ طويل لم يكن فيه شيء ممهّدًا، سوى الإصرار.
لم تبدأ رحلته بين أدوات الطهي أو داخل قاعات التدريس، بل بدأت في قلب الحياة، حين اضطر منذ طفولته للعمل في محال بيع اللحوم، التنظيف، الجلي، وحتى حمل الأكياس الثقيلة، ليساهم في إعالة أسرته.
ورغم قسوة الأيام، لم يخمد داخله الشغف. كان يعود إلى مطبخه الصغير ليجرب، يصوّر، يخطئ ويتعلّم. لم يكن الطهو لديه هواية، بل كان نافذته للحلم، وسلاحه في وجه الحياة.
انطلقت أولى خطواته الفعلية في الأردن، عبر مشاركته في برنامج Leader Chef، ثم مسابقات في الأكاديمية الملكية لفنون الطهي، بإشراف أسماء معروفة مثل الشيف غادة التلي والشيف أحمد سمور، حيث بدأ يكتشف أن شغفه يحمل ملامح موهبة حقيقية.
ثم كانت تركيا، بوابة الاحتراف الأولى عمل دون أجر في البداية، تحدى اللغة، وأثبت نفسه بين الطهاة
درست، وتدرّبت وعملت تحت إشراف طهاة أتراك محترفين، تعلمت منهم الانضباط، وإتقان التفاصيل، والاهتمام بالجوهر قبل الشكل.
ومن أكثر العبارات التي بقيت في ذاكرتي، قالها لي أحد الطهاة الأتراك:”نحن لا نحتاج إلى اللغة… يمكننا أن نفهم بعضنا البعض من خلال الطبخ.”
لم يكن الأمر سهلاً، لكن كل يوم كنت أقف فيه خلف الموقد كان يعلّمني معنى جديدًا للصبر، وكان يقربني خطوة من حلمي.
لينتقل بعدها إلى ألمانيا، حيث بدأ في الثالثة فجرًا، وتعلّم على أيدي طهاة عالميين من إيطاليا وإسبانيا، ليختبر الانضباط والجَلَد في بيئة لا تعترف إلا بالتميّز.
وفي البرتغال، التقى بثقافات الطهو العالمية، وعمل تحت إشراف كبار الطهاة الحاصلين على نجوم ميشلان، من أبرزهم الشيف هاينز بيك وليبريو بونكور. هناك، كان العربي الوحيد، بلا أوراق توصية أو جنسية أوروبية، لكنه كان الأذكى، والأسرع، والأكثر جوعًا للنجاح.
ثم جاء فصل الدنمارك، حيث وجد في كوبنهاغن مدرسة الانضباط الصارم والإبداع المتجدد، يعمل اليوم مع طهاة مخضرمين، في مطابخ لا تقبل بأقل من الكمال.
موسى الشريف لا يرى نفسه نجمًا ولا رمزًا، بل شابًا بدأ من الصفر، شق طريقه بالصبر والعرق، وهو اليوم يوجه رسالته لكل من يشبهه:
“لا تنتظر أحدًا يقول لك إنك قادر.. اثبت ذلك بنفسك، واصنع طريقك، فالحياة لا ترحم المترددين.”
ويختم بكلمات ألمانية تختصر فلسفته في النجاح:
Erfolg ist kein Glück – النجاح ليس حظًا، بل نتيجة شغل وتعب وخطوات كثيرة فوق أرضٍ صلبة.
ومن أكثر العبارات التي بقيت في ذاكرتي، قالها لي أحد الطهاة الأتراك:”نحن لا نحتاج إلى اللغة… يمكننا أن نفهم بعضنا البعض من خلال الطبخ.”
لم يكن الأمر سهلاً، لكن كل يوم كنت أقف فيه خلف الموقد كان يعلّمني معنى جديدًا للصبر، وكان يقربني خطوة من حلمي.